رأي العين

بسم الله الرحمن الرحيم ، وبعد ، فإني كثيرا ما أذكر أنه كان لنا كلب لطيف و وفي أشد الوفاء ، وكأنه ذو عقل وفكر ، حيث وجدته لا يسمح بأي دخول أجنبي عن المنزل وهو يدافع عن أطفال البيت أمام كلاب الجيران باستماتة شديدة ، ولكنه فاجأني حينما رأيته لا يصدر أدنى صوت في وجه من أرافقه من الضيوف ، وازداد دهشي لما دخلت زوجي عروسا من دون أن يهر في وجهها مما جعلني أطمئن إلى بقائها صالحة للحياة الزوجية ولعلها من علاماتها .وذلك منذ ثلاثين سنة تقريبا. وكم كانت حيرتي كبيرة ذات مرة عندما كنت أراقب الجو من وراء زجاج النافذة وإذا بوالدتي تقدم له الطعام فأقبلت دجاجة بصحبة كتاكيتها محاولة مشاركته الأكل ، ولكنه هشها بحركة رأسية لتبتعد تاركا صغارها فقط لتناول ما بدا لها من الأكل وهو يراقب ولم يأكل ، والله لهو مشهد ما زلت استحضره كلما مر أمامي شريط معاناة أهل غزة وكل فلسطين ، فذلك كلب حيوان غير ناطق أظهر شعورا لم يحرك مثله جسم الحيوانات الناطقة من حول فلسطين و لا من بعيدعنها من العرب والمسلمين ،وكأنهم خشب مسندة لا حراك لها ولا ذمم ولا كرامة .أكان كلبنا يفكر أم يعقل أم يشعر أم هو من قبيل الغريزة ؟ ثم أليس للإنسان كل تلك الخصائص ؟ بل أكثر؟فهذه واقعة قد تكون من شاكلة الخيال ولكنها حقيقة ما رأت عيناي فصدق أو لاتصدق.