لخضر لعسال
الجنس : عدد الرسائل : 30 العمر : 67 Emploi : أستاذ جامعيّ مزاجك : السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 02/05/2008
| موضوع: ذات ليلة الخميس 18 مارس 2010, 14:35 | |
| ذات ليلة أحسست بحركات خفيفة دقّت مسامعي فإذا هي من زوجي التي استيقظت مع صوت الأذان الأوّل متّجهة إلى المطبخ تحضيرا لفطور الصباح متعمّدة عدم إزعاجي المبكّر ، ولكنّي كنت منتبها بشيء من التثاقل بقيت فيه بين اليقظة والنوم الخفيف. وبعد أن أكملت وضوءها توجّهت إليّ بلطف من أجل تفطيني وإشعاري بقدوم وقت الصلاة ، وفي الوقت نفسه كان الأولاد يتثاءبون ويحاولون التغلّب على كسلهم واحتيال النعاس لجلبهم إلى الفراش الدافئ ، ولكنّه فشل وتقوّوا عليه بسم الله والاستغاذة من الشيطان الرجيم وقاموا مستعدّين لاستقال يوم جديد. ثمّ خرجت قاصدا الجامع حاملا مطريّتي لأحتمي بها من الأمطار التي كانت تهطل بغزارة شديدة جعلت المياه تجري بكثافة على بساط الشارع المزفّت بإحكام جعلها تنساب بهدوء مارّة بسرعة لا تعرقلها ورقة ولا حصاة ولا شيء. ولمّا وصلت مدخل المسجد لم أكد أجد موضعا لسجدتي التحية لكثافة مرتاديه كعادتهم، وكان الإمام أوّل الداخلين بعد المؤذّن الذي لم يتخلّف مرّة واحدة ضابطا أوقات إصدار صوته يوميّا بلا ملل ولا كلل . وبعد أن سلّمت على من كان بقربي جالسا لفت انتباهي اهتزاز شفاه الخلق الحاضر بأوراد الصباح وتلاوة القرآن الكريم من دون أن تسمع لهم حسيسا ولا أن ترى لهم حَراكا. وما هي إلاّ لحظات حتّى قام المؤذّن حينما رأى الإمام قد همّ بالنهوض إشعارا منه ببدء الفريضة . وههنا ترى الناس يقومون بانسياب مشكّلين هفهفات تجعلك تبدي استعدادا للقيام بلا تردّد ولا ثقل ، وبا لها من صفوف باستقامتها واكتظاظها وليونة مركّبيها لم تدفع الإمام إلى تذكيرهم بتسوية الصفوف وليسوا في حاجة إليه لكونهم تعوّدوا على ذلك منذ أن دخلوا الأوّل فالأوّل إلى أن امتلأت أرض الجامع بآخر الداخلين بشكل كنتظم تسابقوا فيه بالتبكير لنيل الأجر الكبير. ثمّ انطلق الإمام في ترتيل آيات من الذكر الحكيم جعلت أعيننا تفيض من الدمع حتّى ابتلّت الفُرُش تأثّرا بما سمعناه من القراءة المؤثّّرة لم أشعر إلاّ بسلام جماعيّ تبعته بهزّ رأسي يمسنا فشمالا . وبعدها رفعت الأكف مثنى مثنى طالبة الغفران الإلهيّ بكلّ خشوع وخضوع لربّ العالمين ، وبعدها تصافح الحاضرون بحرارة كلّ واحد على من هو جهة اليمين وذات الشمال وهم في انشراح الصدور لا يكدّرها تكبّر ولا أحقاد. فما أحلى تلك اللّحظات التي اتّفقت فيها القلوب واتّحدت المطالب واحتمعت الرغبات وحزن لها الشيطان المارد وولّى مدبرا لا يدفعه إلاّ خزي الخسارة وفراغ مهمّته. وبعدها بدأ الناس في الانتشار واحدا فواحدا من آخر الجالسين إلى أوّلهم بلا تدافع ولا صخب وكأنّهم راعبون في المكث في رحاب المسجد كما يمكث الحوت في الماء. ولم أشعر إلاّ ورجلاي بالباب مستعدّا للتوجّه إلى البيت لإكمال مخطّطي اليوميّ ، وكنت راجعا بين جموع الناس بين ذاهب وراجع في الاتّجاهات المختلفة كلٌُ في شأنه لا تسمع منه إلاّ تحيّة الصباح الجديد لا يشغله إلاّ ما هو في ذهنه وما بكّر من أجله. وقد كانت الدكاكين مفتوحة أبوابها على مصاريعها تنعكس على زجاجها تلألؤات الأضواء المشعّة بألوان زاهية مختلفة الأنوار كست الشوارع نهارا وما هو بنهار كأنّها تزاحم أشعّة شمس النهار التي خجلت من البروز أمامها بل تمنّت هي أن تكون ليليّة لتنال شكر الشاكرين وودّ الراجلين والراكبين . وبعد أن حصلت على أكلة بسيطة لذيذة أخرجت سيّارتي مربوطا بحزام الأمن متفقّدا كلّ لوازمي حتّى أصل بأمان واطمئنان. وكنت خلال عبوري الطريق الذي أقطعه في ظرف بعض الدقائق بعد أن كانت ساعتين لتغيّر ها مستقيمة من الانطلاق إلى جانب وجود جسور للراجلين بين جانبيها عند كلّ تجمّع سكانيّ غابت فيه تلك المنعرجات والحفر وظهور الحمير الاصطناعيّة ، لم يمنعني مانع من الوصول إلى مكان غملي إلاّ رذاذ بعد خفوت تلك الأمطار التي هطلت طول اللّيل إلى الفجر. وكنت ألاحظ مع بزوغ ضوء اليوم الجديد من خلال مسيرتي حين ألتفت من حين إلى آخر تلك الأشجار الباسقة بجمالها الجذّاب من شدّة خضرتها وتلك الحشائش المختلفة الألوان ترتعها بقرات سمان لا يقلقها شيء وكأنّها صارت من ملكات الحقول تسرح وتمرح بكلّ حرّية وابتهاج. وقد كانت الطريق رطبة مستقيمة لا يلتقي فيها اثنان بعد أن أكمل مشروع الطريق السريع بجهتيه لا منعرج ولا حفر حتّى كدت أطلق العنان للسيّارة لا يصادفها إلاّ حبّات من ذلك الرذاذ زاد مشهد الكون جمالا وطرافة. وصلت إلى الجامعة التي ألفيتها محاطة بأشجار رقيقة أوراقها كثيفة متراصّة شكّلت سرادق بأسفلها ورود هي الحائط لا باب لها ولا حارس إلاّ بعض من كان يراقب نظامها وتصفيفها لكي يردّ ما حرّكته رياح الأمس إلى موضعه .فأوقفت سيارتي من دون أن ألمس مفتاحها ولا أن أرفع زجاجها كما هو مثال السيّارات الأخرى التي كانت رابضة بسكينة ووقار مطمئنّة هادئة تنتظر أصحابها إلى حين إتمام عملهم الشاقّ بالتدريس والشرح ووالمناقشات الحادّة والانغلاق في البحوث والمراجعات العلميّة . فدخلت المدرّج الذي كان مكتظّا بالطلبة الحاضرين وكأنّهم غير حاضرين لشدّة الصمت والهدوء فاستقبلوني بالقيام تحيّة مباركة على إيقاع واحد يجمع أصوات الجميع ردّا على سلامي: وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، ثمّ جلسوا منتبهين مستمعين إلى المحاضرة الجديدة كلّ واحد منهم بدا مستعدّا للمتابعة والمناقشة كالعادة . ولمّا هممت بالبدء دخل المدير فسمعت صوت المنبّه يرنّ ويرنّ فانتهى حلمي... | |
|
رباحي فاطمة
الجنس : عدد الرسائل : 1 العمر : 39 Localisation : خضرة Emploi : ادارية مزاجك : السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 22/01/2011
| موضوع: رد: ذات ليلة الجمعة 18 فبراير 2011, 07:10 | |
| هذاكل ما قلته في ذات ليلة فمالذي تقوله في ذات نهار | |
|