تكثيف المعلومات في الذّهن أساس سرعة استحضارها
دون الدخول في الجدال الفلسفي القديم لأنواع ذاكرة المعارف في ذهن الإنسان وكيفية إيجادها وزرعها في الدّماغ ، وتقسيمها إلى معلومات غريزية جبل الإنسان على معرفتها بالفطرة ويتساوون فيها، ومعلومات مكتسبة يتفاوت النّاس فيها ، وكيفية حفظ وتذكر المعلومات التي يُقال أنّها معلومات معروفة بداهةً مثل أنّ الطويل أطول من القصير والكبير أكبر من الصغير وغير ذلك ، فإنّ الذّاكرة المكتسبة لأمر ما تتكون في الدّماغ عبر ثلاث خطوات وهي:
ـ الاكتساب: فقبل أن يتمكن المرء من تذكر أمر ما، فإنّ عليه أن يعلمه ويضعه في ذهنه. ويضع الدّماغ هذه المعلومات في أماكن ذات طبيعة عمل مؤقتة ضمن تراكيبه العصبي، أي أماكن حفظ ذاكرة الزمن القريب.
ـ التكثيف والتركيز:ولوضع تلك المعلومات في أماكن الخزن الخاصة لمعلومات طويلة الأمد الزمني، فإنّ المرء يحتاج إلى حفظها في هيئة أوعية عصبية للذّاكرة الزمنية الطويلة من خلال تقوية خزن هذه المعلومات. وهي عملية تُدعى بالتركيز والتكثيف، وتستغرق من أسابيع إلى عدة شهور.
وهناك عوامل عدة تُسهم في إضفاء الصبغة الزمنية طويلة الأمد لحفظ لهذه المعلومات، كأن تكون مرتبطة بعوامل عاطفية متكررة أو بالنوم كما تقترحه الدّراسة الجديدة للباحثين.
ـ الاستحضار: وهنا يتمّ استدعاء المعلومات من مستودعاتها في خلايا الدّماغ، عبر إثارة تلك المناطق. وتعتمد سهولة الاستحضار الذهني لها على عدة عوامل منها مدى كونها مألوفة للإنسان وكيفية تعلمها لأول مرة. ولذا نلحظ أنّ الحفظ الجيّد للمعلومة أول مرّة يسهّل تذكرها بخلاف ما لو تمّ الأمر على عجل لأول مرة فإنّه يصعب حفظها لاحقاً ويصعب تذكرها كذلك.
ويُقسم الباحثون الأطباء الذاكرة إلى نوعين، هما:
أولاً: الذّاكرة الزمنية القريبة ، أو الذاكرة العاملة لأنّها هي التي نستخدمها في حياتنا اليومية. ونخزن فيهاما نودُ تذكره خلال ثوان أو دقائق أو ساعات من المعلومات ، كرسالة أو تعليمات مطلوب إبلاغها لأحد الزملاء في العمل أو أحد الأقارب وما شابه ذلك ، ثمّ تنتهي الحاجة إليها في الغالب.
ثانياً: الذّاكرة الزمنية الطويلة. ونخزن فيها المعلومات التي يتوجب على الدماغ استحضارها من آن لآخر لأنّها مهمة بالنسبة للإنسان. كالمعلومات الأساسية عن أسماء العائلات أو الأقارب والعناوين السكنية ، أو عناصر كيفية أداء بعض الأنشطة أو الوظائف أو المهام.
وهناك من يقسم الذّاكرة الزمنية الطويلة الى:
ـ الذّكريات الواضحة، وهي حقائق من المعلومات التي يبذل الإنسان جهداً واعياً لتعلمها ولتذكرها أيضاً، كأسماء عواصم الدّول أو أهم المسؤولين فيها.
ـ الذكريات الضمنية ، وهي عناصر أداء مهارات معينة يتذكرها الإنسان بشكل آلي، كقيادة السّيارة أو المشي إلى أماكن معتادة.
ـ الذّكريات المصنفة ضمن مجموعات كحقائق مغروزة في الذّهن. كأسماء الشهور والأيّام. ويرى بعض الباحثين أنّ التقدم في العمر، وضمن الحالات الطبيعية ، يؤثر على نوع الذّكريات الواضحة دون النوعين الآخرين.